من سوف يجلس بجانبي ؟
من هو ذلك تعيس الحظ الذي سيجلس بجانبي !
هذا السؤال أفكر به كثيرا عندما أكون جالسا منتظراً النداء الأخير لرحلتي على متن الطائرة
متجها الى أحدى تلك الدول الجميلة الخالية من الحسد ..
السفر .. كم أعشق هذه الكلمة ..
معبرة جداً ..
أحدى أمنياتي .. أن أجوب العالم قطراً قطراً ما عدا إسرائيل ..
يحظر التعامل معها !
وفي الحقيقة لا أطيق الجلوس في السراديب و الحصول على كوبونات مجانية من " الطراقات " .. !
رجل أم أمرأة !
الرحلة ستكون طويلة نوعا ما على حسب الاتجاه فتحتاج أن تتحدث مع أحدهم و تتبادل معه أطراف الحديث
حتى يمر الوقت سريعا ولا تشعر به خصوصا و إن كنت من ذوي المقاعد الوثيرة السياحية و على متن تلك المجنونة ! الكويتية !
محسوبكم خربشتينو الأول الفقير الى الله ..
عنده رصيد مميز من الرحلات بمفردة و له ذكريات كثيرة مع ذلك المقعد المنتظر بجانبه
أفكر من هو تعيسُ الحظ ذلك المجهول الذي سيجلس بجانبي
هل سيرتاح لي و يتحدث معي بأريحية أم سيطبق الصمت على فمة و يسكت و تمر الرحلة و لا كأن هناك مسافرين !
عموما انا لست بكثير الكلام خصوصا مع الغرباء و لا أعلم لماذا ؟
لكن لا أعلم لماذا عندما أجلس مع أحدهم لا أعرف عن ماذا أتحدث
بل كثيرا أعصر ذلك المسكين المدعى مخ و شقيقة مخيخ !
ولا أجد ألا القليل من المواضيع و للاسف الشديد في أغلب الاحيان لا تكون من ضمن اهتمامات ذلك الغريب ..
فيأتي الصمت ليــقعد محل الحوار " و السوالف "
قليل جدا من هم أستحسن الجلوس معهم من أول مرة خصوصا الغرباء و على متن الطائرة !
أذكر في أحدى رحلاتي الى الشقيقة الكبرى مصر ..
كنت ذاهباً منفردا كالعادة لا احمل معي الا حقائبي و اضعهم في الشحن
و تبقى حقيبة صغيرة اضع فيها الجواز الازرق و تذكرة السفر و بعض الاشياء البسيطة و من ضمنهم كتيب صغير ..
قبل صعودي للطائرة عندما كنت " أحوس " و أتجول في مطار دولة الكويت " من كبر حجمة عاد " دخلت الى المكتبة الصغيرة الموجودة في الطابق الاعلى و أخذت أنظر الى الكتب حتى وقعت عيني على كتاب جميل أسمة " متعة الأكتشاف " لريتشارد بينامن أشتريت الكتاب
و صعدت الى الطائرة ..
قلت في نفسي لن أنام في الرحلة كالعادة لذلك دعني اقضي الرحلة بقراءة هذا الكتاب
الأنني ممن يعاني صعوبة النوم في الأماكن الغريبة ..
كنت من أول الداخلين الى الطائرة وجلست بجانب الشباك أنتظر تعيس الحظ !
اقول في قرارة نفسي " يارب يارب يارب لا يكون ثرثار و ثقيل طينة " ..
كلما رأيت احدهم مقبلاً قلت ها هو آت .. لكن للاسف لا أحد يجلس بجانبي ..
الى أن وصل ذلك الرجل الضعيف الطويل جلس بجانبي و ألقى علي السلام ..
و أول سؤال بادر به .. أنت كويتي .. بلكنة مصرية .. فقلت نعم .. فرد علي أهلا و سهلاً
علمت حينها ان الرحلة لن تمر بسلام !
فقلت ألحق يا ولد أقضب كتابك قبل لا يبلش فيك ..
مسكت الكتاب بكلتا يدي و فتحته مسرعاً !
بدأت أقرأ قليلا و أخينا بدأ بقراءة دعاء السفر بصوت عالي قليلا ..
و أقلعت الطائرة و هو يراني منشغلا في متعة الأكتشاف و لكن اعتقد انه شعر بالملل فأحب ان يبادلني الحديث رغم انشغالي .!
فقال مبتسما " الكتاب أسمه أيه " ؟
قلت ما هو باين يا باشا أسمة متعة الاكتشاف ..
قال " بيتكلم عن إيه " ؟
فرددت عليه لم أنهي الكتاب بعد ..
فرجعت الى المتعة ..
فرجع ليتحدث معي عن ركوبة للطائرة مئات المرات و عن عشقة للسفر .. و عن أمانته !
ولا أعلم لماذا ذكر " حتت " الامانة معي !؟
ومن الطبيعي أن يقدم طاقم الطائرة وجبة الطعام للمسافرين
فكان هذا مدخل جديد للرجل الذي بجانبي فأخذ يتكلم عن سوء التغذية و عن بعض الوجبات السريعة و مضارها
حتى وصلنا الى فوائد الفول !
ولا ننسى كذلك أن للتاريخ فرصة ..
فلا يمكن تجاهل حرب أكتوبر و جمال عبدالناصر ..
فقد مللت من حديثة خصوصا اني متعب ولا أستطيع الحديث معة الأني لا أجيد الحديث مع الغرباء !
و كانت هذه الرحلة من أطول الرحلات علي !
لكثرة كلام الرجل و لسوء قائد الطائرة !
فكما نقول بالعامية " خض بطونا الله يهداه "
فكم ثرثار نصادف معنا في رحلاتنا ؟
لكن لابد من المجاملة ..
سوف أتمرن على الحديث مع الجميع بدون أستثناء
و أيجاد حل للنوم في الطائرة ..!
نكشة : هناك من تحب أن يتحدث كثيرا معك الأنة يمتعك و يثريك .